في 27 أكتوبر 2025، يبلغ سعر الأونصة من الذهب نحو 4,027.34 دولاراً. هذا المستوى يعكس مزيجاً من عوامل اقتصادية وسياسية عدة أثّرت في السوق. من جهة، التوترات الجيوسياسية المتجددة في آسيا والشرق الأوسط تواصل دفع الطلب على الذهب كملاذ آمن. من جهة أخرى، المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة تظهر تباطؤاً في التوظيف وارتفاعاً في مخاطر الركود، مما عزّز توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل Federal Reserve (الفيدرالي) بقيادة Jerome Powell. وفي السياق ذاته، الإقبال القوي من قبل البنوك المركزية على شراء الذهب، وفق بيانات World Gold Council، أسهم في خلق دعم إضافي للمعادن الثمينة. هذه المقالة، وفق منهجية DHBNA، تُمثل عرضاً محايداً يضم تحليلاً مفصّلاً في ثلاثة محاور، ثم تحليلاً فنياً وتوقعات مستقبلية، وختاماً خلاصة موضوعية.
أخبار ومؤشرات عالمية
- جرت في الأسابيع الأخيرة عدة أحداث سياسية أبرزها عودة تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وتداعيات محتملة على سلاسل الإمداد العالمية، الأمر الذي عزّز الطلب على الذهب كتحوط. مثلاً، ارتفع سعر الذهب فوق 4,100 دولار للأونصة في منتصف أكتوبر بدفع من مخاوف وجهود التحول نحو ملاذات آمنة. (Reuters)
- مؤشرات التوظيف في الولايات المتحدة أظهرت تباطؤاً، ما دفع رئيس الفيدرالي إلى الإشارة إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يحتاج إلى خفض إضافي لأسعار الفائدة، وبالتالي خلق بيئة دعم للذهب. (AP News)
- انتعاش الطلب من قطاع البنوك المركزية: بيانات World Gold Council تشير إلى أن البنوك المركزية حول العالم تتوقع زيادة احتياطياتها من الذهب خلال الاثني عشر شهراً المقبلة. (World Gold Council)
- من جهة أخرى، صعود الدولار الأميركي مؤخرًا، مع تحسّن مفاجئ في بعض بيانات الاقتصاد العالمي، قد يُشكّل ضغطاً معاكساً على الذهب، كون الذهب يُسعر بالدولار ويصبح أكثر تكلفة للمشترين الأجانب. (New York Post)
أسواق وسلع وعملات
- الدولار الأميركي والعملات الأخرى: قوة الدولار عادة ما تشكّل ضغطا سلبياً على الذهب، والعكس صحيح. ففي حالة تعزيز الدولار، فإن الذهب يُصبح أقل جاذبية لحائزي العملات الأخرى. ما يُلاحَظ أن بعض الارتدادات في الذهب نتيجة ارتفاع الدولار مؤخراً. (New York Post)
- العوائد الأميركية (عوائد سندات الخزانة): انخفاض العوائد الحقيقية يُحسّن جاذبية الذهب كأصل لا يدرّ فائدة. ومنذ أن أشار الفيدرالي إلى خفض محتمل، ارتفعت شهية الأسواق للذهب. (Reuters)
- السلع والذهب والفضة: تحركات في سلع أخرى مثل الفضة والنفط تؤثر ضمنياً على الذهب؛ فعلى سبيل المثال، ارتفع النفط وسط تخفيضات محتملة في الإمداد وسيناريوهات جيوسياسية، ما يعكس مخاطر تضخم محتملة ويعزّز الطلب على الذهب كتحوط. وفق تقرير أسبوعي لـ IG، فقد ارتفع خام «WTI» بينما الذهب تراجع قليلاً من ذروته، ما يشير إلى تباطؤ الزخم. (IG)
- مع ذلك، يُشير تحليل أن الذهب، رغم صعوده الكبير، دخل منطقة تصحيح محتملة، إذ أن بعض المؤشرات التقنية بدأت تُظهر تشبّعاً في الشراء. (Discovery Alert)
تدخلات البنوك المركزية وسياسة الفيدرالي
- البنوك المركزية: وفق بيانات الـ World Gold Council، البنوك المركزية أضافت صافي مشتريات بلغ نحو 244 طناً في الربع الأول من 2025، وهو مستوى مرتفع مقارنة بالماضي. (World Gold Council) كذلك، بحسب تقرير حديث، بلغت مشتريات أغسطس صافية نحو 19 طناً. (World Gold Council) هذا الدعم الرسمي للذهب يشكّل أرضية سعرية أساسية.
- سياسة الفيدرالي: بعد خفض سعر الفائدة في سبتمبر 2025 إلى نطاق 4.00%-4.25%، فإن السوق تتوقع اجتماع الفيدرالي القادم في أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر مع احتمال خفض إضافي مقدّر بـ 25 نقطة أساس تقريباً. (Trading Economics) رئيس الفيدرالي جيروم باول أكّد تباطؤ التوظيف وضرورة تخفيف السياسة. (AP News)
- التأثير على الذهب: خفض أسعار الفائدة يدعم الذهب لأن تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الأقل تدّراً للفائدة تنخفض، ما يجعل الذهب أكثر جاذبية. تقريباً كل إشارة من الفيدرالي نحو خفض تؤدّي إلى تحرّك فوري في سعر الذهب صعوداً. (J.P. Morgan Research)
- مخاطر: إذا ما واجهت الولايات المتحدة تسارعاً في التضخم أو ضغطاً على سوق العمل، فقد يضطر الفيدرالي للثبات أو رفع الفائدة، ما قد يقلّل من جاذبية الذهب. بعض المؤسسات مثل UBS حذّرت من هذه المخاطرة. (Reuters)
تحليل فني مختصر
- مستويات الدعم: يُشير تحليل فني بأن مستوى الدعم القصير قد يتواجد قرب نحو 4,000، 3,960 دولار للأونصة، مع حدود أدنى محتملة نحو حوالى 3,900، 3,750 دولار إذا تم كسر الدعم الأوّل. (CFI Trade)
- مستويات المقاومة: يتراوح نطاق المقاومة الفوري بين 4,150–4,200 دولار، وإذا تجاوز ذلك قد يمتد نحو 4,300 دولار وما فوق. (Daily Forex)
- الاتجاه: في الأجل القصير، يبدو أن الذهب في مرحلة تصحيح بعد تحقيق مستويات قياسية؛ في الأجل المتوسط، الاتجاه لا يزال صاعداً إذا ظلّت العوامل المناخية مثل ضعف الدولار أو توقعات الفائدة مُهيمنة.
- توصيف: الذهب حالياً في منطقة “تثبيت” أو “تراجع طفيف” ضمن صعود عام، وليس في اتجاه هبوطي واضح ما لم تتغيّر الظروف الأساسية.
توقعات مستقبلية
- استناداً إلى البيانات الحالية، من المرجّح أن يحافظ سعر الذهب على مستويات مرتفعة نسبياً خلال الأشهر المقبلة إذا تواصلت توقعات خفض الفائدة الأميركية، واستمرّ ضعف الدولار أو ضعف الاقتصاد العالمي، وتواصلت الطلبات من البنوك المركزية.
- في المقابل، إذا ظهرت بيانات تفوق التوقعات بشأن التضخم أو التوظيف الأميركي، أو إذا تحسّن الدولار بشكل ملحوظ، فقد يشهد الذهب تراجعا أو استقراراً في نطاق ضيق قبل اتجاه جديد.
- بناءً على توقعات مثل تلك التي صدرت عن Goldman Sachs التي تتوقع ارتفاعاً نحو 4,000 دولار أو أكثر بحلول منتصف 2026 في ظل الظروف الداعمة. (Goldman Sachs)
- يبقى احتمال حدوث تصحيح مؤقت قائماً، خصوصاً إذا خرجت الأسواق من وضع “الملاذ الآمن” وتحولت نحو الأصول الأكثر مخاطرة أو إذا ارتفع النقد السيادي مجدداً.
خلاصة
في ختام هذا التحليل، يُمكن القول إن سعر الذهب عند 4,027.34 دولاراً في 27 أكتوبر 2025 يعكس توازناً بين عوامل دعم قوية، من بينها التوترات الجيوسياسية، ضعف الدولار، توقعات خفض الفائدة، شراء البنوك المركزية، وبين عوامل قد تضع ضغطاً عليه مثل ارتفاع الدولار أو مفاجآت التضخم. الأسواق تعاملت حتى الآن مع الذهب كأحد ملاذات التحوط المهمة، لكن في الوقت ذاته لم تَغْبُ ظروف تُمكّنه من صعودٍ حرّ بلا سقف. لذلك، يظل الذهب ضمن نطاق “وصاية الحيطة” وليس ضمن حالة اندفاع عمياء. الاستثمار أو التخصيص فيه يتطلّب متابعة دقيقة للمتغيّرات الرئيسية (سياسة الفيدرالي، بيانات التضخم، الدولار، الطلب الرسمي). هذه الرؤية لا تشكّل توصية مباشرة، بل ناقشت العوامل الموضوعية التي يمكن للمستثمرين والمهتمين بأسعار الذهب مراقبتها.
اكتشاف المزيد من Dhbna
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

