تحليل أسعار الذهب – الجمعة 31 أكتوبر 2025

الذهب ليس فقط رمزا للثروة، بل هو أيضا رمز للذكاء الاستثماري.

في 31 أكتوبر 2025، يُسجّل سعر الذهب حوالى 4,005.90 دولار للأوقية، في ظلّ بيئة اقتصادية وسياسية متشابكة. تزامناً مع قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة بمقدار رُبع نقطة مئوية إلى نطاق 3.75%-4.00%، وهو القرار الذي تم يوم 29 أكتوبر 2025. أما على الصعيد الجيوسياسي والمؤسسي، فخلق الإغلاق الحكومي الأمريكي وتباطؤ بيانات التوظيف، جنباً إلى جنب مع توترات تجارية بين الولايات المتحدة والصين، بيئة دفع قوية نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب.

في هذه المقالة يُقدّم تحليل موضوعي موجّه للمستثمرين والمتابعين لأسعار الذهب، استناداً إلى منهجية DHBNA، ويتضمّن ثلاثة محاور تحليلية (أخبار ومؤشرات عالمية – أسواق وسلع – سياسات البنوك المركزية)، يليها تحليل فني مختصر، ثم توقعات مستقبلية، وخلاصة محايدة.

أخبار ومؤشرات عالمية

  • من الناحية الجيوسياسية، يُلاحظ أن بيئة المخاطر لا تزال حاضرة: الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أدى إلى توقف بعض بيانات الاقتصاد العالمي، مما أشار إليه رئيس الفيدرالي Jerome Powell بوصفه بأنه «قيادة في الضباب». هذا النقص في الشفافية والبيانات يعزّز الحافز للبحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب.
  • على صعيد الأزمات والتوترات، ما زال المستثمرون يراقبون العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك تأثير نقص السيولة في الأسواق المالية واشارات من البنوك المركزية الكبرى إلى الحذر. وفق تقرير وكالة Reuters: «البنوك المركزية الكبرى converging toward rate-cut caution».
  • في هذا السياق، يحافظ الذهب على جاذبيته كملاذ آمن، لكن تواجهه بعض الضغوط من تعافٍ طفيف في معنويات المخاطرة. فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الذهب قليلاً يوم 30 أكتوبر كاستجابة لخفض الفائدة، لكن السوق ما زال يتفاعل بحذر مع الخطاب المصاحب للقرار.

بالتالي، في هذا المحور، يُمكن القول إن البيئة العالمية تدعم الذهب كأداة تحوط، لكنها تضع له أيضاً حدوداً من حيث التوقعات والشفافية.

أسواق وسلع

  • الدولار الأمريكي والعوائد: بعد قرار الفيدرالي، ارتفع مؤشر الدولار حيث قلّت احتمالات خفض إضافي للفائدة في ديسمبر. ارتفاع الدولار يجعل الذهب المقوّم بالدولار أكثر تكلفة للمشترين بعملات أخرى، مما يشكّل ضغطاً نزولياً على السعر. علاوة على ذلك، ذهبت عوائد السندات الأميركية إلى الارتفاع أو عدم الانخفاض المتوقع، مما يزيد تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب.
  • النفط والسلع الأخرى: في سوق الطاقة، استقرت أسعار النفط تقريباً يوم 30 أكتوبر، إذ سجّلت عقود برنت حوالى 65 دولارًا للبرميل والعقود الأمريكية حوالي 60.57 دولارًا، مع ترقّب المستثمرين لتفاهمات تجارية بين الولايات المتحدة والصين. من جهة، ارتفاع النفط يعزّز التضخّم المحتمل وبالتالي يدعم الذهب؛ ومن جهة أخرى، استقرار النفط يعكس تحسّناً في معنويات المخاطرة ما قد يقلل الطلب على الملاذ.
  • السبائك والفضّة: شهدت الفضة مستويات قياسية الشهر الجاري مدفوعة بجانب الطلب على المعادن الثمينة، وهو ما ينعكس إيجابياً على الذهب باعتباره المُعدن القيادي في هذا القطاع.
  • مآخذ الأسواق: بالنظر إلى معادلة العرض والطلب، ومع التوقعات بأن سعر الذهب قد يصل إلى نحو 4,980 دولارًا للأوقية خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وفق استطلاع الـLondon Bullion Market Association (LBMA)، فإن هذا يضع في الحسبان أن الأسواق ترسم بالفعل سيناريو تحوّطي مرتفعاً للذهب.

في المجمل، هذا المحور يشير إلى أن تحركات الدولار، النفط، وقوى العرض-الطلب في السلع تلعب دوراً مكمّلاً في تحديد مسار الذهب، وليس العمليات النقدية وحدها.

تدخلات البنوك المركزية

  • قرّر الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه الأخير خفض سعر الفائدة إلى 3.75%-4.00% من النطاق السابق (كان 4.00-4.25%)، بواقع خفض 25 نقطة أساس.
  • من الناحية التصريحية، لحظنا أن رئيس الفيدرالي جيروم باول أكد أن خفضاً إضافياً في ديسمبر ليس محسوماً، وأن القرار ليس على مسار ثابت.
  • كذلك، أعلن الفيدرالي أنه سيوقف رسمياً تقليص ميزانيته (Quantitative Tightening) ابتداء من 1 ديسمبر، وسيبدأ بدلاً من ذلك إعادة استثمار مخرجات سندات الخزانة.
  • تفسير الأثر على الذهب: خفض الفائدة يوفر بيئة أكثر دعماً للأصول غير الممولة مثل الذهب لأنه يقلّل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ به. لكن التوجّه الحذر وعدم تأكيد خفضات مستقبلية يجعل الأسواق أقل تفاؤلاً، مما يُضعف الزخم التصاعدي للذهب.
  • من جهة أخرى، تدخل البنوك المركزية الكبرى الأخرى (مثل European Central Bank، Bank of Japan) يشير إلى تقارب في الحذر نحو خفض الفائدة، مما يعزّز قيمة الدولار وجانب التضييق النقدي نسبياً، وهو ما يخفّف من الزخم التصاعدي للذهب.

التحليل الفني المختصر

  • من حيث الدعم: مستوى قرب 3,900-4,000 دولار للأوقية يُعد دعماً نفسياً وتقنياً مهمّاً، حيث شهدت أسعار الذهب تحركاً حول هذا النطاق مؤخراً.
  • من حيث المقاومة: السقف التاريخي الذي بلغه الذهب تجاوز 4,200 دولار للأوقية بحسب بعض التقارير، مما يجعل نطاق 4,200-4,300 دولار حصناً للمقاومة.
  • الاتجاه قصير الأجل: على الأرجح يتّجه الذهب الآن إلى مرحلة تصحيح جزئي أو دمج بعد موجة صعود قوية، مع احتمالية تذبذب حول نطاق 4,000-4,100 دولار.
  • الاتجاه متوسط الأجل: في ضوء المؤشرات الأساسية – خفض الفائدة، الطلب على الملاذات، توتر جيوسياسي – يبقى الاتجاه الصاعد قائماً، ولكن بأقل سرعة وربما مع فترات تراجع تصحيحي.

التوقعات المستقبلية

بناءً على المعطيات المتاحة حتى 31 أكتوبر 2025، يمكن استشراف السيناريوهات التالية دون التوصية بأي إجراء استثماري:

  • إذا استمرّ الفيدرالي في تحفّظه ولم يقدّم خفضاً إضافياً في ديسمبر، فإن الفضول نحو الملاذات قد يُترجَم إلى تذبذبات أو تراجُع منطقي لأسعار الذهب إلى مستويات الدعم قرب 3,900-4,000 دولار.
  • وإذا ما تجددت التوترات الجيوسياسية أو تجسّدت بيانات اقتصادية ضعيفة أدّت إلى خفض مفاجئ للفائدة أو إعادة توسّع في السيولة، فإن الذهب قد يعود للارتفاع نحو 4,200-4,300 دولار وربما يتطلّع إلى مستويات أعلى خلال الأشهر المقبلة.
  • في حال ارتفاع الدولار بشكل أكبر نتيجة توقعات تضخم أو رفع فائدة أو ضعف اقتصادي مفاجئ، فإن ذلك سيُضغط على سعر الذهب ويؤدي إلى بقاء السعر ضمن نطاق ضيّق أو حتى تراجع مرحلي.

الخلاصة

في تاريخ 31 أكتوبر 2025، يحتفظ الذهب بسعر مرتفع عند نحو 4,005.90 دولار للأوقية، مدعوماً بخفض حديث للفائدة الأمريكية وتدفقات نحو الأصول الآمنة، لكن موجة الصعود تواجه زخماً أقل من قبل بسبب تغير توقعات السياسة النقدية والتشديد النسبي للدولار.

من جهة، فإن البيئة العالمية والتوترات الجيوسياسية تُبقي الذهب في دائرة الطلب كملاذ؛ ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع الدولار وتراجع التوقعات بخفضات إضافية للفائدة تُشكّلان عامل تضحية محتمل للذهب.

على المستوى الفني، يبدو أن السعر يدخل مرحلة دمج أو تصحيح قصير الأجل، مع احتمال استمرار الاتجاه الصاعد متوسط الأجل إن تدعمت العوامل الأساسية مجدداً.

بالتالي، للمستثمرين والمهتمين بأسعار الذهب، تكمن الرؤية المتوازنة في أن الذهب لا يزال يحتفظ بموقعه كأداة تحوّط، لكن ليس بمعزل عن مخاطر تُشترىها هذه الاحتياطات.


اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top

اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading