لماذا تظل أسعار الذهب مستقرة رغم تصاعد التوترات بين الهند وباكستان

لماذا تظل أسعار الذهب مستقرة رغم تصاعد التوترات بين الهند وباكستان

عند اندلاع أي خلافٍ عسكري أو تدهورٍ في العلاقات الدبلوماسية، غالبًا ما يقفز الذهب مع بحث المستثمرين عن الملاذات الآمنة. ومع ذلك، وعلى الرغم من تصاعد التوترات بين اثنين من أكبر مستهلكي الذهب في العالم—الهند وباكستان—ظلت أسعار الذهب مستقرة. في هذا المقال، نستعرض لماذا تظل أسعار الذهب مستقرة رغم تصاعد التوترات بين الهند وباكستان عبر تحليل السياق الاقتصادي العالمي، وعوامل الطلب الإقليمية، والإشارات الفنية في الأسواق، وتوجهات المستثمرين التي خففت من حدة أي ارتفاع كبير في أسعار السبائك.


التوترات الجيوسياسية ودور الذهب كملاذ آمن

الترابط التاريخي بين الصراعات والذهب

يشتهر الذهب عبر العصور بكونه ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات. فخلال حرب الخليج، وضم القرم، وتوترات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، شهدنا عادة ارتفاعًا حادًا في الأسعار. وعندما انتشرت أنباء تجدد الاشتباكات على خط المراقبة بين الهند وباكستان في مايو 2025، توقع الكثيرون صعودًا مماثلًا.

التوقعات مقابل الواقع

مع ذلك، بقيت أسعار الذهب مستقرة بالقرب من مستوى 3300 دولارًا للأونصة. وهذا يدفعنا للسؤال: ما هي القوى التي امتصت هذا الصدمة ومنعت الأسعار من الارتفاع؟


العوامل الاقتصادية الكبرى تفوق مخاطر المنطقة

سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي والعوائد الحقيقية

أحد الأسباب الرئيسة لعدم ارتفاع الذهب بشكل كبير هو السياسة النقدية الأميركية. في أوائل مايو 2025، أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير وأشار إلى تخفيض وحيد محتمل بحلول نهاية العام. والنتيجة:

  • بقاء العوائد الحقيقية على سندات TIPS لأجل عشر سنوات عند مستويات قريبة من الصفر.
  • ثبات مؤشر الدولار (DXY) حول 103.
  • ارتفاع العوائد وقوة الدولار يقللان جاذبية الذهب.

هذه الضغوط الكبرى طغت على الطلب الآني كملاذٍ آمن بفعل التوترات الإقليمية، مما أبقى أسعار الذهب مستقرة.

ديناميكيات التضخم

أظهرت بيانات التضخم الأميركية لشهر أبريل صعود مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بنسبة 0.3% شهريًا—أقل بقليل من التوقعات—وصمود تضخم منطقة اليورو عند 2.4% سنويًا. وانخفاض حدة التضخم يخفف الضغط على الذهب كـ “تحوطٍ ضد التضخم”، مما يساهم في تثبيت الأسعار.


الطلب الإقليمي وتأثير تقلبات العملات

الطلب الهندي وتأثير الروبية

تمثل الهند نحو 20–25% من طلب العالم على مجوهرات الذهب. لكن خلال اشتعال التوترات:

  • ضعفت الروبية الهندية إلى نحو 83 روبية للدولار، مما جعل استيراد الذهب أغلى.
  • فرض الرسوم الجمركية وعمليات التدخل المصرفي كبحَ الطلب.
  • تأجلت مشتريات الزفاف والمهرجانات حتى النصف الثاني من العام.

لذلك لم نشهد قفزة في الطلب المحلي بأوقاتٍ تقليدية، فوفر ذلك دعمًا لاستقرار الأسعار.

طلب باكستان وضغوط الروبية

في باكستان، أثَّرت القيود على استيراد الذهب ونقص العملات الصعبة على القدرة الشرائية. ورغم بعض ارتفاعات في “العمولات” المحلية، فإن محدودية الطلب لم تؤثر على الأسعار العالمية، مما يفسر جزئيًا سبب ثبات الأسعار.


العوامل الفنية في استقرار السوق

وضعيات المضاربين وبيانات COT

أشارت بيانات “التزامات المتداولين” (COT) إلى:

  • زيادة طفيفة في المراكب الصافية الطويلة قبل التوترات.
  • عمليات جني الأرباح حول مستوى المقاومة 3300 دولارًا، مما أبقى السعر في نطاق ضيق.

الافتقار إلى اندفاعٍ مضاربي حاد خفف من أي ارتفاع حاد في أسعار الذهب.

مستويات الدعم والمقاومة

يتأرجح الذهب بين:

  • الدعم الفوري: 3300 دولارًا للأونصة.
  • المقاومة الفورية: 3300 دولارًا للأونصة.

هذا النطاق الضيق يعكس رغبة المستثمرين في انتظار إشاراتٍ أوضح—سواء من السياسة النقدية أو من تطورات الصراع—قبل خوض تحركات سعرية أكبر.


تفاعل طلب المجوهرات والطلب الاستثماري

تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)

سجلت صناديق الذهب المادية تدفقاتٍ صافية متواضعة أدنى 5 أطنان خلال الأسبوعين الماضيين، مقارنةً بتدفقاتٍ أكبر خلال أزمات سابقة. لذا كان تأثير شراء الملاذ الآمن ضعيفًا نسبيًا.

طلب المجوهرات على المستوى العالمي

في المقابل، استمر الطلب الموسمي على المجوهرات في الصين والشرق الأوسط، لكنه لم يتأثر بالتوترات بين الهند وباكستان. ونتيجة لذلك، لم تتغير الصورة الإجمالية للعرض والطلب بشكلٍ يدفع أسعار الذهب للارتفاع.


مشتريات البنوك المركزية كعامل توازن

اتجاهات شراء البنوك المركزية

واصلت البنوك المركزية شراء الذهب بكثافة في الربع الأول من 2025، مضيفة 135 طنًا إلى احتياطياتها—أعلى من المتوسط الخمسي. ومعدلات الشراء هذه وفرت “سقفًا” دعمًا للأسعار حال انخفاض الضغوط الآنية.

سياسات التنويع

ركزت بنوك آسيا الناشئة بشكلٍ خاص على الذهب كأداة تنويع في مواجهة قوة الدولار، مما خفف من أي اندفاعٍ آني لدفع الأسعار بعيدًا عن مستواها الحالي.


البدائل الآمنة وتوجهات المستثمرين

الأصول الرقمية والأسهم

تحولت بعض التدفقات الآمنة إلى بيتكوين والأسهم الدفاعية:

  • تداول البيتكوين فوق 65,000 دولار.
  • تفوق أسهم الدفاع والطيران على المؤشرات.

هذه البدائل استحوذت على جزءٍ من الطلب الآمن، ما ساعد في استقرار أسعار الذهب.

مؤشرات المعنويات

أظهرت استبيانات معنويات المستثمرين ارتفاعًا طفيفًا في خوف الأسواق دون بلوغ ذروة، مما قلل من حدة عمليات الشراء المضطربة للذهب.


البيانات الاقتصادية المنتظرة

  • قراءة مؤشر أسعار المستهلك وPPI القادمة: أي مفاجآت تضخمية قد تحرك الذهب بقوة.
  • محاضر ومداخلات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي: الفرج عن تركيز السياسة سيوجه السعر إما للصعود أو التراجع.

Conclusion

على الرغم من تصاعد التوترات بين الهند وباكستان، ظلت أسعار الذهب مستقرة بفضل:

  1. ضغوط سياستين نقديتين ومالية: ارتفاع العوائد الحقيقية، وثبات الدولار.
  2. ضعف الطلب الإقليمي نتيجة لأسعار الصرف والإجراءات التنظيمية.
  3. قيود المضاربة الفنية ضمن نطاق دعم ومقاومة محدد.
  4. البنوك المركزية التي وفرت دعمًا ثابتًا للطلب على المدى المتوسط.
  5. وجود بدائل استقبال آمن في الأصول الرقمية والأسهم.

للبقاء على اطلاعٍ دائم بأسعار الذهب وتحليلات الخبراء، احفظ صفحتنا واشترك في نشرتنا اليومية. تداول بذكاء وادِر مخاطر، واستفد من الاستقرار النسبي للذهب في بيئة عالمية متقلبة.


اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top

اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading