تحليل أسعار الذهب – الثلاثاء 21 أكتوبر 2025

في 21 أكتوبر 2025، تشهد سوق الذهب حالة من الترقب والاهتمام المتزايد، إذ تتداخل عدة عوامل اقتصادية وسياسية أثرت على سعر المعدن الثمين. من جهة، تعمّقت التوترات الجيوسياسية، وبرزت مخاوف من إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، ما عزّز الطلب على الذهب كملاذ آمن. من جهة أخرى، ركّز المستثمرون على تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برئاسة جيروم باول وكيفية تفاعلها مع احتمالات رفع أو خفض أسعار الفائدة، وكذلك على تحولات في الأسواق العالمية وسوق العملات والسلع. أخيراً، لا يمكن إغفال الدور المتنامي لـ البنوك المركزية في اقتناء الذهب كجزء من سياساتها الاحتياطية.

هذه المقالة، الموجهة لـ المستثمرين والمهتمين بأسعار الذهب، تعتمد على منهجية “DHBNA”، تحليل موضوعي موثّق ومتوازن، وتتناول الأحداث والتحليلات عبر ثلاثة محاور، يليها تحليل فني وتوقعات مستقبلية وخلاصة محايدة.

أخبار ومؤشرات عالمية

تُعدّ التوترات الجيوسياسية أحد الدوافع الرئيسة لصعود الذهب. فمع تزايد الخلافات بين الولايات المتحدة والصين بشأن التجارة والتكنولوجيا، ومع تجمّد بعض قطاعات الاقتصاد العالمي نتيجة الإغلاق الحكومي الأميركي المؤقت، ازدادت المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، ما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كحماية.

على صعيد المؤشرات الاقتصادية الكلية، يُلاحظ ضعف نسبي في نشاط الطلب الأميركي، كما أشار تقرير Beige Book للفيدرالي الأميركي، ما عزّز توقعات الأسواق بأن البنك المركزي سيتجه نحو التيسير النقدي.

وفي الوقت ذاته، رفعت مؤسسات مصرفية دولية كبرى، من بينها HSBC، توقعاتها لمتوسط سعر الذهب لعامي 2025 و2026، مستندة إلى الطلب المتزايد على الملاذات الآمنة وعمليات الشراء الكبيرة من البنوك المركزية إلى جانب ضعف الدولار.

كما حذّر محللون لدى Bloomberg وANZ Research من أن استمرار الصدامات الجيوسياسية أو تفاقم الصراع التجاري قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، في حين أن استقرار الأوضاع أو تحسّن البيانات الأميركية قد يحدّ من هذا الاتجاه.

أسواق السلع والعملات والعوائد

يُعتبر الدولار الأميركي عاملاً فاعلاً في تحديد سعر الذهب، حيث أن ضعف الدولار يجعل المعدن الثمين أرخص لحاملي العملات الأخرى، مما يزيد الطلب عليه.

وبالفعل، شهدت الفترة الأخيرة ضعفاً نسبياً في الدولار بالتزامن مع توقعات بخفض الفائدة، ما سمح للذهب بتجاوز مستوى 4,000 دولار للأونصة للمرة الأولى في تاريخه الحديث.

أما النفط وسائر السلع، فعندما ترتفع أسعار الطاقة، تُثار مخاوف من ارتفاع التضخم، ما يجعل الذهب جذاباً كأداة تحوط.

من جانب آخر، فإن عوائد سندات الخزانة الأميركية تلعب دوراً محورياً: ارتفاعها يضغط على الذهب، بينما انخفاضها يعزز جاذبيته. في الوقت الراهن، تشير حركة العوائد إلى تراجع نسبي في الفائدة الحقيقية (المعدّلة للتضخم)، وهو ما يفسر الميل الصعودي للذهب منذ بداية العام.

هذا التوازن الدقيق بين ضعف الدولار، توقعات التيسير النقدي، وضغوط التضخم، يصنع بيئة داعمة لـ أسواق الذهب على المدى القصير. لكن أي انعكاس في هذه العوامل (كارتفاع الدولار أو العوائد) يمكن أن يعيد الذهب إلى موجة تصحيح مؤقتة.

تدخلات البنوك المركزية والسياسة النقدية

تُظهر بيانات عدة أن البنوك المركزية واصلت شراء الذهب بوتيرة متزايدة خلال 2025، ما عزّز الطلب الرسمي عليه كأصل احتياطي آمن في مواجهة تقلبات العملات الورقية.

أما مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فيبقى العامل الأبرز في تحريك الأسواق العالمية. المستثمرون يترقبون اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) القادم، مع توقعات بتخفيض جديد بمقدار 25 نقطة أساس، يتبعه خفض آخر بنهاية العام، في حال استمرار تباطؤ النمو.

هذا الاتجاه التيسيري، إذا تحقق، سيعزز موقع الذهب كخيار بديل عن السندات. ومع ذلك، تبقى المخاطرة قائمة إذا فاجأ الفيدرالي الأسواق بتشديد جديد لمواجهة التضخم، مما قد يحد من ارتفاع الذهب.

سياسات البنوك المركزية الأخرى، مثل البنك المركزي الصيني والهندي، تسير هي الأخرى في اتجاه زيادة احتياطيات الذهب، ما يعزز الطلب العالمي ويُبقي الاتجاه العام صاعداً.

التحليل الفني المختصر

من الناحية الفنية، يتحرك الذهب حالياً بالقرب من مستوى 4,220 دولار، ويواجه مقاومة قوية في نطاق 4,300 – 4,350 دولار. أما مستويات الدعم، فتقع عند 4,000 دولار ثم 3,900 دولار. الاتجاه قصير الأجل ما يزال صاعداً، مع احتمالية لتصحيح محدود، بينما الاتجاه المتوسط الأجل يُظهر استقراراً ضمن قناة صعودية مدعومة بالعوامل الأساسية.

التوقعات المستقبلية

بناءً على البيانات الحالية، يُرجّح أن يواصل الذهب أداءه الإيجابي في حال استمرار توقعات خفض الفائدة وضعف الدولار واستمرار الطلب المؤسسي. أما في حال تغيّر المعطيات، مثل تحسن البيانات الاقتصادية الأميركية أو قوة الدولار، فقد يشهد السوق تصحيحاً معتدلاً نحو مناطق الدعم.

السيناريو الأساسي يميل إلى الصعود التدريجي، بينما السيناريو البديل هو استقرار أو تراجع مؤقت، وفق التغير في سياسات الفيدرالي والعوائد الأميركية.

الخلاصة

يُظهر الذهب في أكتوبر 2025 قاعدة دعم قوية تعكس تفاعلاً متوازناً بين السياسة النقدية، العوامل الجيوسياسية، والطلب العالمي. السعر الحالي البالغ 4,220.54 دولار يعكس تقييماً دقيقاً لـ الأسواق في ظل التحديات العالمية.

ومع أن الاتجاه العام يميل للصعود، إلا أن الرؤية المتزنة تظل ضرورية لتجنب التسرع، فـ السوق حساس لتغير العوائد والدولار والسياسات النقدية. الذهب حالياً يعكس مزيجاً من الثقة والحذر، ما يجعل قراءته التحليلية أهم من أي توصية استثمارية مباشرة.


اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top

اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading