إذا كنت تبحث عن الأمان، ابحث عن الذهب.
تشهد أسواق الذهب في 5 ديسمبر 2025 حالة من الترقّب الحذر في ظل اجماع واسع بين المستثمرين على خفض محتمل لسعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه المرتقب بتاريخ 9–10 ديسمبر. هذه التوقعات عزّزت الإقبال على الذهب كملاذ آمن، خصوصًا مع ضعف الدولار الأمريكي وارتفاع العوائد على سندات الخزانة، في بيئة اقتصادية لا تزال تتأرجح بين مخاوف التضخم وإشارات تباطؤ في الاقتصاد العالمي. في هذا السياق، يأتي سعر 4,223.59 دولار للأونصة اليوم معزّزًا بتلك العوامل، بينما يترقب السوق إعلان قرارات الفيدرالي القادمة.
الأوضاع العالمية والجيوسياسية
- لا توجد حتى الآن تطورات جيوسياسية بارزة تُصدر ضربة كبرى على أسواق الملاذات الآمنة ليوم 5 ديسمبر، أي أن الذهب لا يستمد زخمًا من أزمة جيوسياسية جديدة.
- مع ذلك، يستمر أداء الذهب في الارتفاع مدفوعًا بحالة عدم اليقين العام تجاه الاقتصاد العالمي، في ظل ضغوط ديون وفُرص لتباطؤ النمو. بعض تحليلات 2025 تشير إلى أن التحوّل في الثقة تجاه الدين والحوافز النقدية يجعل الذهب خيارًا لـ “التحوط” ضد مخاطر السندات والدولار.
- هذه الظروف تمنح الذهب قيمة مضافة كأصل آمن في بيئة مالية غير مستقرة.
أسواق وسلع، الدولار، والعوائد
- الدولار الأمريكي: مؤشر الدولار يشهد انخفاضًا نسبياً مع ترجيحات خفض الفائدة من الفيدرالي، ما يقلل تكلفة الذهب لحائزي العملات الأخرى ويزيد الطلب العالمي.
- سندات الخزانة وعوائدها: عائد سندات الخزانة لعشر سنوات يستقر عند نحو 4.10٪. ارتفاع العائد عادة ما يُضعِف الذهب، لكن في 2025 يبدو أن العلاقة التقليدية (عائد مرتفع = ضعف ذهب) بدأت تتفكك جزئياً، كما يشير تحليل “Gold vs Treasury yields in 2025”.
- النفط وسلع أخرى: أسعار النفط مستقرة نسبيًا عند نحو 62–63 دولار للبرميل، مما لا يضيف ضغطًا تضخّميًا كبيرًا يدفع سعر الذهب عبر قناة التضخم.
- فضة ومعادن ثمينة أخرى: رغم بعض التقلبات، ارتفعت الفضة مؤخرًا، وهو ما يركّز الاهتمام على المعادن الثمينة عامة، لكن الذهب يظل المعيار الرئيسي للملاذ الآمن.
تدخلات البنوك المركزية
- وفق جدول اجتماعات البنوك المركزية، الاجتماع القادم مقرر في 9–10 ديسمبر.
- الأسواق تتداول الآن على أساس احتمال كبير (حوالي 88–89٪) أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في هذا الاجتماع.
- هذا التوقع بدد بعض الضغوط على الذهب التي قد تُفرض من عوائد السندات المرتفعة، وأعاد الذهب إلى دائرة الأصول الجاذبة. بعض بنوك الأبحاث مثل Bank of America قامت بتعديل توقعاتها لتشير إلى خفض محتمل.
- في حال خفض الفائدة فعليًا، سيُخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب (non-yielding asset)، مما يزيد من جاذبيته. في المقابل، إذا اختار الفيدرالي تثبيت الفائدة، فقد يضغط ذلك على أسعار الذهب.
تحليل فني
- حسب تحليل فني نشرت مؤخرًا (4 ديسمبر)، يتداول الذهب ضمن قناة صاعدة قصيرة الأجل، مع دعم عند ~ 4175.70 دولار (متوسط متحرك 200) ومستويات مقاومة أولية عند ~ 4205–4239.6 دولار، ثم 4295 دولار في حال استمرار الزخم الصاعد.
- إذا فشل السعر في الحفاظ على الدعم 4175.70 دولار، قد يستهدف التصحيح مستويات ~ 4145 – 4111 دولار، وربما أقل إذا زاد الضغط.
- مؤشرات الزخم (مثل RSI, MACD) تُظهر وضعًا محايدًا إلى ضعيف مؤقتًا، السوق في مرحلة “تجميع / ترقّب” قبل قرار الفيدرالي.
توقعات مستقبلية
- إذا نفّذ الفيدرالي خفض الفائدة كما يتوقع معظم المشاركين في الأسواق (≈ 25 نقطة أساس)، فإن الذهب قد يجد دعماً إضافياً وقد يستهدف مستويات مقاومة جديدة في نطاق 4300–4350 دولار، وربما أعلى على المدى المتوسط.
- في حال تثبيت الفائدة، أو إذا ارتفع عائد سندات الخزانة بشكل مفاجئ، قد نشهد تصحيحًا باتجاه 4145–4110 دولار.
- على المدى الأطول (2026)، إذا استمر الدولار ضعيفًا، والتضخم غير مستقر، والعوائد الحقيقية على السندات دون توقعات، سيظل الذهب جذابًا كتحوط، ما يدعم سيناريو صعود تدريجي.
الخلاصة
سعر الذهب اليوم (4,223.59 دولار) يعكس مزيجًا من عوامل السوق: ضعف الدولار، توقعات خفض الفائدة من الفيدرالي، وعدم زخم كبير في طرح ديون جديد أو ضغط نفطي مرتفع. في ظل هذه البيئة، يبدو الذهب معززًا كملاذ آمن، لكن أمامه سقف مقاومة فني وسيناريو عرض لعوائد السندات قد يضغط عليه. في المحصلة، الذهب يحتفظ بحجمه ضمن مزيج “تحوط / ملاذ آمن” طالما أن عدم اليقين الاقتصادي مستمر ويُرافقه ضعف في عوائد الدخل الثابت.