تحليل أسعار الذهب – الأربعاء 22 أكتوبر 2025

الذهب لا يقتصر على كونه معدنًا ثمينًا، بل هو مرآة لتاريخ البشرية، يعكس قوتها وضعفها، ويظل رمزًا للأمان وسط تقلبات العالم.

في يوم 22 أكتوبر 2025، وصل سعر الأونصة من الذهب إلى نحو 4,043.83 دولاراً، مسجّلاً مستوىً يعكس مزيجاً من الضغوط الاقتصادية والسياسية العالمية التي تؤثر على معروض وطلب المعدن النفيس.

على مستوى الأحداث، يبرز استمرار التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي دخل أسبوعه الثالث، مما يعمّق المخاوف حيال النمو الاقتصادي ويزيد تدفّق المستثمرين نحو الأصول الآمنة.

وفي الوقت ذاته، يلعب ضعف الدولار الأميركي وتراجع العائدات الحقيقية للسندات الأميركية دوراً في تعزيز جاذبية الذهب.

أما سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بقيادة Jerome Powell فتكتسب زخماً، مع تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، وهو ما يشكّل عامل دعم إضافي للذهب.

هذا التحليل يتبنّى منهجية DHBNA القائمة على التوثيق والتحليل المفصّل، مستعيناً بمصادر عالمية مثل HSBC، J.P. Morgan، Goldman Sachs، Reuters، Bloomberg، UBS وغيرها، لتقديم رؤية متوازنة للمهتمين بأسعار الذهب.

أخبار ومؤشرات عالمية

1. التوترات الجيوسياسية والتجارية:

يستمر التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بما في ذلك تهديدات بزيادة التعريفات على الصادرات الصينية، مما يعيد الطلب على الذهب كملاذ آمن.

وفق تقارير Reuters، فإن ضعف الدولار والمخاوف من تآكل قيمة الاحتياطات النقدية دفع المعنويات نحو المعادن النفيسة.

2. الإغلاق الحكومي الأمريكي:

دخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة أسبوعه الثالث، مما أدى إلى تعطّل نشر بيانات اقتصادية رئيسية وتنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما يعزّز الإقبال على الذهب.

تحليل من UBS أشار إلى أن هذا التأخير يمنح الذهب حافزاً إضافياً كأداة تحوّط.

3. مؤشرات التضخم والاقتصاد:

رغم أن بيانات الأسعار الأميركية (CPI) لم تُصدر بعد بسبب الإغلاق، فقد أشار تقرير سابق إلى ارتفاع طفيف في مؤشر أسعار المستهلكين، مما رفع الترقّب بأن الذهب سيستفيد من استمرار الضغوط التضخمية.

4. تدفّقات الاستثمار والشراء الرسمي:

تقرير World Gold Council أوضح أن ارتفاع الشراء من البنوك المركزية والمستثمرين في صناديق الذهب (ETF) دعم الأسعار خلال النصف الأول من 2025.

إجمالاً، فإن بيئة عدم اليقين السياسي والاقتصادي العالمي تواصل دعم الذهب كأداة تحوّط رئيسية.

أسواق وسلع وعملات مرتبطة بالذهب

1. الدولار الأميركي:

تراجع الدولار الأميركي في الأسابيع الأخيرة، مما يقلل تكلفة الذهب لحائزي العملات الأخرى ويزيد الطلب عليه.

بحسب Reuters، فإن “قلق الدولار” أصبح من أبرز محركات ارتفاع الأسواق والسلع المرتبطة به.

2. العوائد الحقيقية للسندات:

شهدت العائدات الحقيقية للسندات الأميركية انخفاضاً، إذ اقترب عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من 4 %، وهو ما يدعم الذهب عبر تقليل تكلفة الفرصة البديلة.

3. النفط والسلع الأخرى:

ارتفاع أسعار النفط يعكس مخاوف التضخم ويزيد الميل نحو الأصول الحقيقية. كما صعدت الفضة والمعادن الأخرى مع تزايد الطلب على التحوّط من ضعف الدولار.

4. العلاقة بين الذهب والمعادن النفيسة الأخرى:

أشارت HSBC في مذكرة بحثية إلى أن ارتفاع الذهب عادة يجذب مشتريات موازية من الفضة، مما يعزز ديناميكية الطلب على المعادن النفيسة ككل.

بالتالي، تتكامل تحركات العملات والعوائد وأسعار السلع في اتجاه داعم لجاذبية الذهب خلال الفترة الراهنة.

تدخلات البنوك المركزية وسياسات الفائدة

1. سياسة الفيدرالي الأميركي:

في سبتمبر 2025، خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.00 %-4.25 %.

خلال أكتوبر، لمح Jerome Powell إلى احتمال تخفيضات إضافية واقتراب نهاية برنامج تقليص الميزانية (QT)، وهو ما انعكس على العوائد ورفع معنويات الأسواق المالية وسوق الذهب.

2. توقعات السوق:

تتزايد التوقعات بخفض جديد لأسعار الفائدة قبل نهاية العام، مما يقلّل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب.

تحليلات من UBS وBloomberg أكدت أن انخفاض العوائد الحقيقية يعزز الطلب على الذهب كأصل تحوّطي.

3. الشراء الرسمي من البنوك المركزية:

تقرير HSBC أشار إلى استمرار الطلب الرسمي على الذهب من البنوك المركزية في ظل ضعف الدولار، وهو ما يدعم استقرار الأسعار فوق 4,000 دولار.

4. الأثر الكلي:

سياسة الفائدة المنخفضة والتخلّص التدريجي من التشديد النقدي تقللان من جاذبية الأصول ذات العوائد، مما يجعل الذهب أكثر تنافسية ويعزز الاتجاه الصاعد.

التحليل الفني

  • الدعم القصير: 3,900-4,000 دولار للأونصة.
  • المقاومة القصيرة: 4,100-4,150 دولار للأونصة.
  • الاتجاه القصير والمتوسط:

الاتجاه العام صاعد على المدى القصير، مع إمكانية اختبار المقاومة المذكورة. أما في المدى المتوسط، فاستمرار العوامل الأساسية قد يدفع الذهب نحو 4,300-4,400 دولار. كسر مستوى 3,900 قد يشير إلى تصحيح أوسع، بينما الثبات فوق 4,150 يدعم الزخم الإيجابي.

التوقعات المستقبلية

استناداً إلى المعطيات الحالية، يُتوقّع أن يتحرك الذهب في نطاق بين 4,000 و4,300 دولار خلال الأشهر المقبلة.

في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية أو ضعف الدولار، قد تمتد المكاسب نحو 4,400-4,500 دولار.

لكن إذا تحسّنت البيانات الاقتصادية الأميركية أو ارتفعت العوائد مجدداً، فقد يشهد السعر تصحيحاً نحو 3,800-3,900 دولار.

هذه السيناريوهات لا تمثّل توصية استثمارية، بل إطاراً تحليلياً لفهم الاتجاهات المحتملة في الأسواق العالمية.

الخلاصة

يسجل الذهب نحو 4,043.83 دولاراً للأونصة في بيئة تتسم بالتوترات السياسية، وضعف الدولار، وتوجه البنوك المركزية نحو التيسير النقدي.

منهجياً، تعمل هذه العوامل معاً لدعم الطلب على الذهب كأصل تحوّطي، مما يبرّر بقاء السعر عند مستواه الحالي.

رغم ذلك، يظل احتمال التصحيح قائماً إذا تغيّرت المعطيات الاقتصادية أو النقدية.

التحليل الحالي يقدّم رؤية متوازنة دون توصيات مباشرة بالشراء أو البيع.


اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top

اكتشاف المزيد من Dhbna

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading